نساء ضد العنف في البحث الأول من نوعه: مفهوم الرجولة في المجتمع العربي الفلسطيني

نساء ضد العنف في البحث الأول من نوعه: مفهوم الرجولة في المجتمع العربي الفلسطيني

بحضور العشرات من الرجال والنساء، اختتمت جمعية "نساء ضد العنف"، أمس الثلاثاء، أعمال اليوم الدراسي "رجال ونساء – نحو عدالة اجتماعية وتكافؤ فرص"، اليوم الذي أتى ليعرض نتائج البحث الأول من نوعه في مجتمعنا بموضوع "مفهوم الرجولة في المجتمع العربي الفلسطيني داخل إسرائيل"، وكجزء من أعمال مشروع "العمل مع الرجال" في "نساء ضد العنف"، الذي يهدف إلى تحليل مركبات الرجولة والذكورة من خلال ظروف وعوامل واقعنا المُعاش ومن أجل تغيير مجتمعي مبني على شراكات فكرية تضع اعتبارات جنس الفرد جانباً.

في افتتاحها لليوم الدراسي، رحبت السيدة غادة شلاعطة بالحضور، وأكّدت على أنه "قد راودتنا، في نساء ضد العنف" فكرة العمل مع الرجال منذ بداية تأسيس الجمعية، ونحن فخورات بأن نطرح هذا الفكر وهذا التوجه اليوم وفي هذا الوقت بالذات، فنحن نؤمن أن التغيير الاجتماعي لا يمكن أن يجري إلا بالتعاون والعمل المشترك وبتضافر جهود جميع الرجال والنساء".

في استعراضه لنتائج البحث، قام إبراهيم سعيد، مركز مشروع "العمل مع الرجال" ومُعدّ البحث، بعرض أهداف البحث ومنهجيته، وتحليل للنتائج يرافقه اقتباسات من المراجعات الأدبية، ومن بين التوصيات التي قدّمها كان العمل مع الجيل الصاعد، والعمل على تثقيف وزيادة الوعي لدى الرجال في المجتمع عن الأثمان التي يدفعونها نتيجة النظام الأبويّ الذكوريّ الذي نحيا فيه، ومن جهة أخرى العمل مع النساء على تقصيّ وكشف رواسب أساليب تفكير المجتمع الأبويّ المتجذرة فيهن والدور الذي يلعبنه هن في المحافظة عليه.

من ثم قامت الياحثة منار حسن، بالتعقيب على البحث ونتائجه على عدة محاور، وعلاقة هذه النتائج والوضع القائم بالنكبة والتهجير وتدمير المدينة الفلسطينية والحيز العام فيها من جهة، ومن أخرى علاقتها بالتطور الاقتصادي وتغيير معالم الريف وسكانه وعدم بقاء الرجل كالمعيل الأساسي في العائلة، الأمر الذي أدى إلى التغيير، كما وأضافت أن "شعور المرأة اليوم بالثقة أكبر بالنفس وأنها قادرة على تحقيق طموحاتها أدت إلى أزمة الذكورة في مجتمعنا – وأحد ردود الفعل على هذه الأزمة هي ظاهرة العنف ضد النساء".

باشتراك عدة باحثين في المجال، قامت السيدة فداء طبعوني - أبو دبي، مركزة وحدة العمل المجتمعي في "نساء ضد العنف"، بافتتاح وإدارة الجلسة الثانية بعنوان "الرجولة وتفاعلاتها في المجتمع". في مداخلته، عبّر البروفيسور محمد حج يحيى، المحاضر في الجامعة العبرية عن ازدواجية التربية لدينا كمجتمع في التفرقة والتمييز ما بين الطفل والطفلة. كما وأشار إلى أن تذويت القهر والكبت والتمييز لدى الفتيات والنساء هو الحاجز أمام انطلاقهن، وأضاف "أي يجب أن نسأل أنفسنا ما وقع كلماتنا على بناتنا عندما لا نكف عن "إعلامها" أنها غير قادرة، وأن لا أحد يتوقع منها أن تتقدم مهنياً؛ فهذا ينتج حالة ترضي فيها الفتاة رغبات الجميع ما عدا نفسها، مما بالتالي يولّد أزمة لديها".

أمّا د. هديل قزاز، نائبة مدير مؤسسة "هاينرخ - بل" الألمانية، وناشطة نسوية، قدمت مداخلة بعنوان "رجولة في أزمة – ما وراء ثنائية الرجولة والأنوثة في المجتمع الفلسطيني"، والتي عبرت فيها عن الأعباء المضاعفة للرجل الفلسطيني تحت الاحتلال، وعن مفهوم السلطة والتسلط وكونه مفهوم أنتج تاريخياً ويعاد إنتاجه على مستويات أنماط علاقات قوى جديدة ومختلفة. كذلك، عبرت د. قزاز عن "أن مضامين وبرامج الجمعيات النسوية والحركة النسوية من أجل التوعية للمطالبة بالتغيير، تُفهم وكأنها موجهة للنساء فقط، والحل يكمن في العمل مع الرجال بشراكة من أجل فهم الصور النمطية عن كليهما، وترسيخ الوعي بأن تغيير في دور النساء ومكانتهن، سيفضي بالنهاية إلى تغيير في دور الرجل ومكانته، الاجتماعية والاقتصادية والسياسية".

قام السيد وسيم بيرومي، أخصائي نفسي وموجه مجموعات، بتقديم مداخلة بعنوان "ما بين الهوية الوطنية والهوية الرجولية"، تحدث فيها عن دور المرأة في الحركات الشعبية وفي النضالات، و-"أننا نحن الرجال نكتب التاريخ، ونختار ما نكتبه، ونختار تحييد دور النساء في التاريخ"، كما وتحدث عن مفهوم الوطنية، ما بين المجموعة والفرد، واختلاف الصورة النمطية عن "المرأة الوطنية" و-"ألرجل الوطني" وتداعيات هذا الاختلاف.

أمّا السيدة عايدة توما – سليمان، مديرة "نساء ضد العنف"، تحدثت في مداخلتها عن "الشراكة نحو التغيير المجتمعي، واقعية لطرح وإمكانية التنفيذ" حيث قالت أن "الجمعية تؤمن أن الشراكة ممكنة فقط من خلال تحليل مركبات علاقات القوة وموازين القوى في مجتمعنا، وبين الرجال والنساء، وإحداث تغيير بنيوي في هذه العلاقات وأسسها على مستوى سياسات وقرارات ومواقف ومعتقدات وسلوكيات"، كما وأشارت إلى أن علاقات القوة بين الجنسين ليست بموازين العلاقة ما بين رجل واحد وامرأة واحدة، حيث يؤثر اختلاف الوضع السياسي للمرأة أو الرجل على علاقات القوة لدى كل منهما.

في الختام، قامت السيدة فداء طبعوني – أبو دبي بشكر كل من شارك وساهم، "آملات أن يكون هذا اليوم الدراسي، وهذا البحث فاتحة لأبحاث ودراسات ونقاشات قادمة تثري الحقل والعمل المهني".