25 تشرين الثاني 2013
أجسادنا ليست مسرحا للجرائم
يصادف في الخامس والعشرين من شهر تشرين الثاني من كل عام "اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد النساء" الذي أقرته الهيئة العامة للأمم المتحدة في العام 1999 وتبنته بعد سنوات طويلة من النضال النسوي والمجتمعي العالمي لتبني هذا اليوم في ذكرى الأخوات ميرابل الناشطات السياسيات اللتين قام نظام دكتاتور الدومنيكان بإعدامهما في العام 1960.
وكما في كل عام تكون لنا وقفة مع هذا اليوم نجدد فيها شجبنا واستنكارنا للجرائم البشعة التي يتم ارتكابها ضد النساء على مدار العام، ليس لأن نضالنا محصور في هذا اليوم، فنحن نقاوم العنف ضد النساء يوميا مع كل خدمة نقدمها للنساء اللواتي يتوجهن لنا في جمعية "نساء ضد العنف" ومع كل محاضرة أو ندوة نعقدها وفي تظاهراتنا ومنشوراتنا وعملنا الدائم على تغيير القوانين والضغط لتطبيقها.
إلا أن هذا اليوم يكتسب معنى خاص لأنه ناقوس الخطر الذي نقرعه كل عام من جديد نحن وبقية الأطر النسوية والمجتمعية والحقوقية أمام مجتمعاتنا، فما زال هناك عنف سوف نستمر بالنضال وما زالت هناك نساء وفتيات يتعرضن للعنف الجسدي والتحرشات والاعتداءات الجنسية والتزويج ألقسري وتزويج الطفلات وختان الإناث والقمع النفسي والاقتصادي وقتل النساء لكونهن نساء سوف يستمر النضال ويتزايد هذا وعد قطعناه على أنفسنا.
قطعنا طريق طويلة منذ أعلنا أن العنف ضد النساء جريمة، ونجحنا في كسر المحرمات حول هذه القضية الشائكة، أخرجنا أسماء النساء ووجوههن ومعاناتهن من الظلمة إلى النور، وخرجت العديدات بجرأة وشجاعة نادرتين إلى الملأ ليتحدثن عن صنوف القهر والعذاب، وتحول القاتل من منقذ الشرف إلى مجرم تتوجب معاقبته، ولكنها الخطوة الأولى في مسيرة الألف ميل.
إننا نعلنها مجددا نحن النساء العربيات الفلسطينيات بأن أجسادنا لن تكون بعد مسرحا للجرائم ، وأن لا مجال لأي تسامح مع مرتكبي هذه الجرائم، ولن نقبل أن يتم التعامل مع مقتل 9 نساء هذا العام وخمس طفلات من مجتمعنا على أنها أحداث عابرة، فانظروا في وجوه من يحطن بكم واحدة من كل ثلاث نساء تتعرض للعنف بأشكاله المختلفة، وأمام كل امرأة وفتاة تقاوم العنف هناك مجرم يرتكب العنف ومجرمون يتسترون عليه .
لم يعد بالإمكان رفع الشعارات وإطلاق الاستنكارات والهروب من تحمل المسؤولية،فالموقف الحقيقي من العنف ضد النساء يكون بالتصدي الفعلي له وفي فضح مرتكبيه وتقديم الحماية والدعم لضحاياه، وفي الفهم الجلي أن العنف ضد النساء هو قضية وطنية من الدرجة الأولى والمعركة ضده هي معركة على وجهنا الحضاري والتقدمي وعلى صيانة حصانتنا الاجتماعية، وهي دفاع عن كرامة نصف المجتمع، وانتصار للقيم الإنسانية والعدالة الاجتماعية.
في هذا اليوم لا بد لنا أيضا من تسليط الضوء على الانتهاكات المؤسساتية الرسمية والعنف الذي تمارسه ضد النساء العربيات البدويات في النقب المهددات بالتهجير والاقتلاع من منازلهن وعائلاتهن، ولا بد من تحية أكبار وإجلال لجميع النساء اللواتي يتصدين لهذه المخططات ويواجهن قمع المؤسسة الإسرائيلية من ناحية وجهل وعنف الجهات التي لا ترى في مشاركتهن النضالية سوى أجساد أنثوية تتحرك في الفضاء العام من ناحية أخرى .
من هنا نرسل تحياتنا للمرأة في المناطق الفلسطينية المحتلة التي تعاني العنف المجتمعي وعنف الاحتلال، والمرأة المصرية والسورية والتونسية في معركتهن ضد تحويل أجسادهن سلاحا في المعارك السياسية والعسكرية الدائرة في بلدانهن ولجميع النساء والفتيات في العالم العربي، السعوديات واللبنانيات والأردنيات واليمنيات ووووو اللواتي يناضلن ببسالة للتحرر من جميع أشكال القمع والعنف، ولنساء العالم أجمع وهن يراكمن الانجازات في هذه المعركة القاسية نحو التغيير لعالم آمن للنساء .