استغلال تجار الدين والرجعية منصات الإعلام لإضرام نار الكراهية والتفرقة بين أفراد مجتمعنا

عُرفت "الحرية" في إعلان حقوق الإنسان في المعاهدات الدولية، بأنّها حق الفرد في أن يفعل كل ما لا يضرُ بالآخرين.

فالحرية الشخصية والتي يُطلق عليها ايضا اسم الحرية الاجتماعية، ويُشير مفهومها إلى طبيعة العلاقات بين أفراد المجتمع واحترامهم لبعضهم البعض وحق الفرد في التصرف بالطريقة التي يختارها وأن يكون حُراً، دون أن يعتدي على حرية شخص آخر!

إلى متى سنسمح أن يستغل تجار الدين والرجعية منصات الإعلام لإضرام نار الكراهية والتفرقة بين أفراد مجتمعنا؟

لقد تلقى العديد من أبناء وبنات شعبنا في الأيام الاخيرة رسالة نصية من مصدر غير معروف، تلوح بموضوع دعم الجمعيات النسوية الحرية الشخصية للمثليين والمثليات، كأداة للضغط على ممثلي الاحزاب في القائمة المشتركة، بقبول شروط تلزمهم بثوابت دينية مقتصرة على فئة متدينة واحدة من مجتمعنا! فمن الواضح أن هدف هذه الرسالة المركزي هو تأجيج الفتنة، التفرقة والكراهية، وقد رأينا مثل هذه المحاولات من قبل على يد حكومة اليمين وعلى راسها نتنياهو الذي يصارع موته السياسي ويعمل جاهدا بمحاولة تجنيد أصوات من داخل المجتمع العربي وخلق "العربي الذي يستحق العيش" و"العربي المرفوض".

نحن في نساء ضد العنف نرى أن مواقف الأحزاب التي تمثلنا جميعا، يجب أن تُؤخَذ بحسب قرارات ومواقف سياسية ذات ثوابت وطنية، وليس بحسب ثوابت دينية لفئة واحدة أو اخرى.

فنحن نؤمن ايمانا تاما انه يحق لكل شخص أن يختار الطريقة التي يريدها لحياته. فله الحق الكامل في ممارسة معتقداته الشخصية، الدينية والاجتماعية دون تهديد او ترهيب. كما ومن واجبنا كأفراد داخل هذا المجتمع أن نحترم حرية الآخر وعدم التعدي عليها.

القضية هنا هي ليست الخلاف حول الموقف من قضية المثليين\ات، إنما هي واجب الأحزاب السياسية وممثليها في الدفاع عن جميع الحريات داخل المجتمع وليس انتقاء حريات "مسموحة" وحريات "ممنوعة" للدفاع عنها. فمثلما نتوقع من جميع الأحزاب وممثليها الدفاع عن الحرية الفردية في التدين وممارسة الشعائر الدينية لجميع من اختار ذلك، نتوقع منهم الدفاع عن حق أي إنسان في الحياة بأمان دون تعذيب وترهيب بسبب ميوله الجنسي، اختياره للعلمانية وغيرها من المواقف التي يحاول البعض استغلالها لزرع وتغذية الفتنة والكراهية داخلنا.

اختتاما، نحن على أبواب معركة انتخابية اخرى، نعي ضغوطات المفاوضات وتقديم القوائم التي تقع على أكتاف ممثلينا، لكننا نتوجه لجميع أبناء وبنات شعبنا اولا ولممثلينا في جميع الأحزاب ثانيا، لا تنسوا المعركة الحقيقية على حقنا في العيش بأمن وأمان ومساواة ومناهضة بطش السلطة وسياسة التمييز والاضطهاد القومي، لا تدفعونا الى الكراهية والحقد على كل من هو مختلف او اختار ان يعيش حياته بطريقته الخاصة. لا تساهموا في خلق أفراد مجتمع منبوذين ومضطهدين، فهذا ما تفعله الحكومة منذ النكبة، تفرقنا لتقول لنا انتم لستم بشعب له الحق الأساسي في الحياة.

حقنا جميعا ان نعيش كما نشاء لانفسنا وواجبنا جميعا الدفاع عن هذا الحق للجميع وليس فقط للرأي الذي يتلائم مع معتقداتنا الشخصية، كي نتمكن من النهوض بمجتمع متقدم، قادر، حر ومتقبل، يضمن مستقبل أفضل للأجيال القادمة.