سميرة عزّام

سميرة عزّام -نساء من مجتمعنا ينجحن رغمًا عن نظام الأبوية المجتمعية

تقرير: عرين نصّار

(ضمن مشروع "قراري – مستقبلي")
 

بدأت سميرة عزّام بالتعريف عن نفسها بأنّها ولدت في قرية عسفيا على جبال الكرمل وأنهت دراستها للثانوية العامة في القرية، قرية عسفيا التي تعتبر قرية مختلطة إذ يسكنها مواطنون من جميع الطوائف في البلاد، تقع على جبال الكرمل في قممها العالية.

درست بعد إنهاء المرحلة الثانوية، اللقب الاول في جامعة حيفا بعد ذلك بسنوات قليلة أكملت سميرة اللقب الثاني في التربية، فهي حاصلة على البكالوريوس في تاريخ الشرق الاوسط واللغة العربية وحاصلة على الماجستير من جامعة حيفا بالتربية.

سميرة عزّام عضوة في المجلس المحلي ونائبة رئيس المجلس المحلي في قرية عسفيا عملت لمدة خمسة وعشرين سنة تقريبًا كمدرّسة للغة العربية في المدرسة الثانوية اوتروسون الموجودة في عسفيا.

حلمت سميرة بأن تصبح محامية عندما تكبر، وفي الحقيقة رافقها هذا الحلم منذ كانت طفلة صغيرة وذلك الحلم كان بسبب رؤيتها للظلم الواقع على الناس، كما حدّثتنا.

ورافقها التفكير بهم وهمومهم وبالطرق التي من الممكن أن تساعدهم وتخفف وطأة ذلك عنهم.

حتى صار الموضوع بمثابة حلم بالنسبة لها... وبقي حلمًا في خيالها.

عندما كبرت سميرة لم يكبر معها حلمها بأن تصبح محامية، لأنها اكتشفت بأنّ الحياة لها أوجه مختلفة، حين فهمت تفاصيلها أكثر قررت بأنّ المحاماة ليست المهنة التي تهمها وتشبهها..

بل إنّ ما يثير اهتمامها فعلًا هي قضية الدفاع عن المظلومين ومجابهة العنف في كل الميادين.

وذلك في الحقيقة يحدث من خلال عدة مهن ووظائف والموضوع غير مقتصر على المحاماة فقط.

 في النهاية لم تدرس محاماة بل درست الأستذة وتعلمت كيف تكون معلمة.

 خاضت التجربة لخمسة وعشرين سنة وكان التعليم بالنسبة لها شيء جميل جدًا ومليء بالإيجابية.

 ذلك لأنها كانت تتعامل مع النفوس الصغيرة والبريئة وذلك ساعدها في تصميم شخصيات الأطفال على طريقتها..

 تساعد او تساهم في تصميم شخصياتهم بما يتلاءم مع فكرها ببناء مجتمع سويّ وسليم، وكل ذلك على طريقتها إضافة لحثهم على العمل من اجل تحسين حياتهم.

 كان ذلك أمرًا في غاية الأهمية بالنسبة لسميرة، وحلمت بأن تصل لليوم الذي باستطاعتها فيه أن تُصلح المجتمع مثل ما يفكر الجميع بأنه يستطيع فعل ذلك..

ولكن مع قناعة تامة بأن كلٌ مسؤول من مكانته، ويجب أن تبدأ من نفسها وتقدم كل ما تستطيع عليه من مكانها ومسؤوليتها.

دائمًا في ذهن سميرة كانت تجول فكرة بأنّها موجودة في العالم لهدف ما..

وعندما سألنا السيدة سميرة عزام عن العوائق الاجتماعية التي واجهتها قالت بأنها تواجه حسب رأيها ما تواجهه كل امرأة بل ككل من يعيش في هذه الدولة.

شرحت عزام بأنّ العائق الاول هو التمييز السلبي ما بين النساء والرجال وكان ذلك واضحًا في حياتها من خلال تعامل المجتمع مع النساء.

 وكان واضحًا بالنسبة لها أنّ هناك تفضيلًا اجتماعيًا للرجل على المرأة في كل مناحي الحياة، حيث أنّ الرجل يمكنه أخذ فرصته في كل ما يريد، لديه داعمًا أبديًا وهم الأهل. إذ لا يكتفون بدعمه فقط بل متابعته دومًا ومساعدته في كل ما يحتاج ليحقق طموحه وربما أكثر.

وهذه من أبرز الأمور التي عاشتها سميرة وتعتقد أنّ السبب وراء ذلك هو ترعرعنا في ظل مجتمع أبوي ذكوري يفرض على المرأة قيودًا باسم الدين، المجتمع، والعادات والتقاليد وكل ذلك يعتبر سجنًا للمرأة، كأنها متواجدة في دائرة ضيقة محدودة الإمكانيات.

والخروج منها بنفس صعوبة التأقلم مع ظروفها.

العائق الثاني الذي حدثتنا عنه، هو قضية العنصرية في نظام الدولة.

 أي أنّ الدولة تمارس عنصرية وتفريقًا ضد الأقليات وتتعامل بدونية مع كل من هو ليس يهوديًا..

وأوضحت سميرة بأنّ هذه أكثر العوائق التي أثرت في الصميم بالنسبة لها..

بل وأكثر من ذلك فإن هذه المسألة في تغيير شخصيتها وإرادتها وعزمها في أن تكافح وتقاتل من اجل تحقيق العدالة الاجتماعية.

لغاية أن فهمت سميرة الصورة كاملة، فهمت بأنه ليس من الضروري أن تقاتل لأخذ دورها في الحياة، ولكن يجب أن تستمر في تحدي كل شيء من حولها إن كان الحديث عن التفرقة الاجتماعية المبنية على تبريرات جندرية وإن كان حول التمييز العنصري الذي تمارسه الدولة بمؤسساتها ضدنا كأقلية عربية في البلاد.

قالت عزام بأنّ الضغوط الاجتماعية والقيود الاجتماعية الدينية جعلتها تفكر لمدة زمنية ليست بالبسيطة بأنها محدودة تمامًا فيما تريد أو تحب أن تفعل..

ولكن سرعان ما أوقفت هذه الأفكار، واعتمدت أن تحافظ على القيم الأخلاقية رغم كل ما يمكنه اعتراض طريقها..

واختتمت عزام بأنّ حلمها الاستمرارية في بث السلام والقيم الأخلاقية، خاصة بعد أن وصلت لحقيقة بأنّ الضغوط والتفرقة الاجتماعية وحتى الدينية مبنية على التوارث وغير مدروسة ولا كافية بأن تمنع اي انسانة من تحقيق ذاتها..

 وهنا بدأت سميرة بمشروع التمثيل النسائي بمساعدة "كيان"، كيان هو تنظيم نسوي فلسطيني الذي ساهم في نجاح التّنظّم ووصولهن لعضوية المجلس المحلي. ومن الجدير بالذكر أن المجموعة التي كانت تحتضن سميرة اسمها "عسفاوية أنا".

وتعتقد سميرة بأنّ مجموعة "عسفاوية أنا" استطاعت تحقيق أمرًا غير موجودٍ في كل المجتمع العربي في إسرائيل وهو الاستقلالية. حيث أنّ المجموعة غير تابعة لا لطائفة ولا لعائلة ولا لحمولة ولا لحزب ولا لأي مرشح ايّن كان.

 وقالت عزام: "استقلاليتنا هي ما توحدنا وهي ما يميزنا عن باقي المجموعات السياسية".

وأضافت عزام بأنهن حتى اليوم يجدن صعوبات في تشكيل مجموعات مشابهة في أماكن أخرى، وذلك يعتمد بشكل أساسي على اختلاف ظروف البلدات والمدن عن ظروف المجتمع في عسفيا.

وقالت سميرة: "انا سعيدة وفخورة جدًا في المجتمع العسفاوي بأنه اعطى المساحة اعطى المكان وجعلنا نبرز بل وأعطانا فرصة بالتواجد على الساحة، طبعا فخورة بكل عضوات عسفاوية  اللواتي وقفن وتصدين وعملن ولا زلن يعملن في العمل المجتمعي لغاية اليوم وسنخوض ان شاء لله تجربة مماثلة في 2023 في انتخابات السلطات المحلية القادمة".

 

واجهت التحديات وعملت رغم وجودها بكل ثقة واستقلالية وبكل فكر اعطت الحلول التي تتوق لها الناس. بل وأعطت البديل وتتوقع بأنّ هذا البديل وصل الناس الى اقتناع تام فيه.

ذلك ما سمح لها إثبات نفسها في المجلس المحلي مما جعلها تتعهد على خدمة المجتمع العسفاوي.

وحققت ذلك منذ اربع سنوات  وستستمر في فعل ذلك.

قالت سميرة عزّام بأنّ نصيحتها لكل نساء مجتمعنا هي التخلي عن الخوف في الدرجة الأولى، لأنّ ذلك أساسي ومهم لتحقيق المرأة لذاتها وتسطير نجاحاتها وتحقيق أكثر مما تحلم به وبذلك تصنع اسمها وشخصيتها المهنية وتفيد مجتمعها.

واختتمت السيدة سميرة عزام بأنّ تجربتها في المجلس المحلي فتحت لها أفقًا جديدًا من الممكن أن يفتح لكل سيدة تقرر أن تضع التخوفات جانبًا وتخوض تحديًا حقيقيًا لأجل ما تحب هي.