حصار وجدار وأمل خلال برنامج حواري مشترك لنساء كاتالونيات وفلسطينيات
اختتمت جمعية "نساء ضد العنف" وللعام الثالث على التوالي، البرنامج الحواري المشترك حول "النساء في الأقليات القومية"، لنساء من الأقلية الفلسطينية العربية في البلاد ونساء من الأقلية الكاتالونية في اسبانيا. نظم البرنامج على مدار أسبوع كامل شمل العديد من الفعاليات وورشات العمل والجولات الميدانية بهدف التعرف على مكانة الأقلية الفلسطينية في البلاد عامة ووضعية النساء الفلسطينيات خاصة.
خصص اليوم الافتتاحي للبرنامج بتقديم مقدمة تفصيلية عن الأقلية الفلسطينية في البلاد والظروف التي مرّ بها الفلسطينيين منذ النكبة وحتى اليوم، وبالمقابل قامت مجموعة النساء الكتالانيات باستعراض وضع وتاريخ الأقلية الكاتالانية في اسبانيا. وجرى خلال اللقاء نقاش مثرٍ وعميق بين المجموعتين حول أوجه التشابه بين الاقليتين رغم كونهم دول مختلفة.
خلال احدى حلقات النقاش التي دارت بين المشاركات الكاتالونيات والفلسطينيات |
خلال البرنامج، وللتعرف أكثر على عمل الجمعيات النسوية، التقت المشاركات بمُمثلات عن تلك الجمعيات الحقوقية والنسوية- كنساء ضد العنف والتقوا بمديرتها السيدة عايدة توما- سليمان وتحدثت معهم عن مكانة النساء الفلسطينيات داخل إسرائيل وعن الغبن والتمييز السياسي والإنساني الذي تعانيه الأقلية الفلسطينية في البلاد. إضافة للقاء مع جمعية "أصوات" و "كيان " و "ائتلاف نساء من اجل السلام". وعرضت رنين جريس من جمعية "زوخروت"-ذاكرات- فيلم يروي النكبة بعيون النساء الفلسطينيات، تعرفن المشاركات من خلاله على دور ومكانة المرأة الفلسطينية خلال أحداث النكبة التي مرت بها البلاد.
ضمن فعاليات البرنامج، كانت المشاركات الفلسطينيات والكاتالونيات قد قمن بأعمال تطوعية في ملجأ النساء والبيت الانتقالي التابعين لجمعية "نساء ضد العنف"، حيث شاركن النساء والأطفال والفتيات في رسومات على الجدران وأعمال فنية أخرى. وقد أجمع المشاركات على كون اللقاء مع نساء وأطفال الملجأ والبيت الانتقالي من أكثر اللقاءات والفعاليات إثارة .
المشاركات أثناء تواجدهن في ملجأ النساء فور انتهاءهن من رسمة على أحد جدران الملجأ |
وبهدف تعزيز المعلومات حول مكانة الأقلية الفلسطينية في البلاد، قامت المشاركات بزيارة لسوق السعدي في أم الفحم، والذي قامت السلطات الإسرائيلية بهدمه مرتين خلال شهر واحد وتحويله لركام. إضافة لزيارة مدينة القدس وبالتحديد لمكتب الأمم المتحدة OCHA ، وتلقوا هناك شرحاً عن وضع الفلسطينيين في القدس المحتلة، الضفة الغربية وقطاع غزة وتوضيح لمخطط جدار الفصل العنصري، وأطلعن على إحصائيات تقدم للأمم المتحدة حول تأثير الجدار الفصل العنصري على حياة الفلسطينيين.
روان ابو تايه- إحدى المشاركات الفلسطينيات تحدثت عن زيارتها مكتب الأمم المتحدة OCHA وعن اندهاشها من المعطيات والمعلومات التي عرضت حول معاناة الفلسطينيين وأضافت:
"تأثرت جدا مما عرضوه أمامنا حول وضع الفلسطينيين في ظل الحصار وجدار الفصل العنصري. نحن نعرف ماذا يعني جدار الفصل ولكن عند عرض خريطة المنطقة مع الجدار كان مرعباً جدا بالنسبة لي لرؤية خارطة مع جدار، وشعرت حينها انه يجري الكثير من حولنا ونحن لا نحرك ساكناً وكأن شيئاً لم يحدث".
بعدها اتجهت المجموعة لزيارة "مركز القدس للنساء"، حيث تعرفن على أوضاع النساء الفلسطينيات في ظل الاحتلال والممارسات البشعة بحق شعبنا الفلسطيني والنساء العاملات خاصةً. وعندما توجهن لزيارة بيت لحم ورام اللة شاهدن عن قرب الجدار والحواجز العسكرية الإسرائيلية التي تحد من تحرك الفلسطينيين على أرضهم، وتملكهن الشعور بالانفعال والرهبة لهذا الموقف ولوجود الجنود الإسرائيليين بزييهم العسكري أمامهم.
صورة جماعية للمشاركات في القدس بعد زيارة مكتب الامم المتحدة |
ماريا براتكول- إحدى المشاركات الكاتالونيات والتي عبرت عن مشاهدتها لبعض معاناة الفلسطينيين قالت:
"سمعت الكثير عن وضع الفلسطينيين من خلال نشرات الأخبار فقط، والتي لم يتعدى الحديث عنها أكثر من خمس دقائق، ولكن هذا البرنامج الحواري على مدار أسبوع أتاح لي الفرصة بالتعرف على حياتهم عن قرب ومن خلال قصص شخصية وفردية لنساء وعائلات فلسطينية، وفرصة كهذه لم ولن تسنح لي من خلال نشرات أخبار".
المشاركات زرن أيضا قرى غير المعترف بها في النقب، تعرفن خلالها عن أوضاع النساء البدويات ومعاناتهن على الأصعدة المختلفة، وعلى عمل الجمعيات النسائية في النقب، من خلال زيارة لجمعية "نساء اللقية" والتعرف على مشروع النسيج والذي يعمل على دعم ومساعدة النساء بالحصول على عمل بهدف الاستقرار والاستقلال الاقتصادي. وقد توجهت المجموعة بعدها لقرية السرة غير المعترف بها لزيارة احد البيوت المهددة بالهدم والتي صدر بحقها أمر بذلك، مما يجسد حال الكثير من بيوت تلك القرى. وبهذا الخصوص أشارت المشاركة الفلسطينية أريج توما:
"مشاهدة البيت المهدد بالهدم جعلني اشعر وكأن بيتي او أي بيت الذي من المفروض أن يشكل الملجأ الآمن لي ولأسرتي، ممكن أن يصبح بلحظة واحدة مهدد بالهدم لصدور أوامر بذلك كونه يأتي ضمن نفوذ القرى غير المعترف بها".
لقاء المشاركات بجمعية نساء اللقية في النقب والتعرف على مشروع النسيج |
فيروز شرقاوي؛ موجهة المجموعة، تحدثت حول تجربة الاقليتين على مدار الأسبوع وأضافت:
"خلال عرض المشتركات لحياة الأقليات، ورغم أوجه التشابه الكبيرة، اتضح الفرق بين الأقلية الكاتالونية في اسبانيا والأقلية الفلسطينية في البلاد، كون الأولى حصلت على الحكم الذاتي، لها علمها ونشيدها الخاص ولغتهم الخاصة والتي تعتبر لغة رسمية في اسبانيا، حتى أن لهم منهاجهم التعليمي الخاص بهم".
هذا وأشادت المشاركات على أهمية البرنامج المشترك مع أقليات من اسبانيا والبلاد لمناقشة وضعية النساء فيها واتفقن على بناء برامج مشتركة بهدف إيصال صوت النساء في الأقليات للخارج. وشكرن مبادرة "نساء ضد العنف" بالمساهمة لفتح باب الحوار حوا وضعية النساء في الأقليات والاطلاع على تجاربهن.
كما وأشارت علا نجمي- يوسف؛ مركزة البرنامج الحواري وأحدى الموجهات، إلى أن جمعية "نساء ضد العنف" تسعى من خلال مثل هذا البرنامج إلى أحداث وعي لدى شابات كاتالونيات حول أوضاع الأقلية الفلسطينية في البلاد والنساء تحديداً وبناء جسور حوار وتواصل بين النساء في بقاعٍ مختلفة من العالم.